الاخبار: هداية محمد التتر
ما بين مؤيد ومعارض، تفاوتت آراء الغزيين في ما يتعلق بنزع سلاح المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة «حماس»، والذي وضع شرطاً في خطة ترامب لوقف حرب الإبادة الجماعية المستمرة على قطاع غزة منذ عامين.
حفاظاً على حياتنا
ويؤكد المواطن محمد أبو مصطفى (39 عاماً) أنّ الدعوة إلى نزع السلاح غير منطقية، «كأن يطلب أحدهم من مريض أن يمتنع عن العلاج، أو من شخص يتعرض لاعتداء أن لا يدافع عن نفسه».
ويقول الشاب أبو مصطفى لـ«الأخبار» إنّ «أي شعب واقع تحت احتلال من حقه أن يقاوم لاستعادة حريته وكرامته وتقرير مصيره، لذلك يظل السلاح مرتبطاً بوجود الاحتلال: ما دام الاحتلال قائماً، ستوجد مقاومة بأي اسم وبأي صيغة، سواء بقيت الفصائل الحالية أو تبدلت».
ويوضح قائلاً: «قد نختلف على أشكال المقاومة وأدواتها وضوابطها، لكن المبدأ بسيط وواضح، من السخف مطالبة شعب تُسلب حياته وحقوقه أن يتخلى عن وسائل الدفاع عن نفسه قبل زوال سبب الصراع نفسه».
ولا يختلف رأي العشريني عز الدين قلجة عمن سبقه، ويشدد في حديث إلى «الأخبار» على ضرورة الحفاظ على سلاح المقاومة الفلسطينية «كي ندافع عن أنفسنا ونحمي أرواحنا من مجازر واعتداءات الاحتلال الإسرائيلي».
ويستدلّ الشاب قلجة، الذي فقد شقيقه وأُحرق منزله وأجبر على النزوح عدة مرات، على رأيه بمواقف تاريخية لأناس سلموا سلاحهم وكان جزاءهم القتل «بوسائل وأساليب بشعة جداً»، ويقول «عام 1982 رد الاحتلال الإسرائيلي على تسليم سلاح منظمة التحرير الفلسطينية بمجزرة صبرا وشاتيلا، وعام 1995 رد على تسليم البوسنة سلاحها بمجزرة سربرنستيا وذبح أهلها وإبادتهم».
ويتابع «حركة طالبان في أفغانستان ردت على الأميركيين عند مطالبتها بنزع سلاحها بالقول: لولا هذا السلاح لما جلستم معنا على هذه الطاولة»، مشيراً إلى أن «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، حتى لو كلفنا ذلك أرواحنا وكل ما يحيط بنا».
توافقه الرأي رواية مشتهى (41 عاماً) والتي فقدت عائلتها بأكملها ودُمّر بيتها وهُجرت من منطقة سكنها، وتقول لـ«الأخبار» إنّه «يستحيل على أي شخص عاقل في دولة محتلة تسليم سلاحه لعدوه «باستثناء العميل الذي قبل أن يخون أرضه ووطنه مقابل حفنة من المال»، وتضيف «الشيء الوحيد الذي من الممكن أن يحفظ حقنا في أرضنا وبلادنا هو السلاح ودون ذلك فهو القتل مثلما حدث مع من سبق».
حقناً للدماء
وعلى النقيض، تؤكد الكاتبة الروائية ريما القطاوي والتي فقدت منزلها ونزحت وعائلتها إلى وسط قطاع غزة أنها «مع أيّ حل يوقف شلال الدم المستمر منذ عامين»، معتبرةً إياها الأولوية «لحقن الدم الفلسطيني، فالوقت في غزة من دم، والاحتلال لا يعنيه مطلقاً التفاوض سواء تحت النار أو في خضم هدنة». وتقول في حديث إلى«الأخبار» إنّ «الأجدر بنا أن نمسك بتلابيب هذه الفرصة ونحاول أن نستغلها على الأقل فيما يضمن وقف الإبادة وحقن دم الفلسطيني وبقائه في أرضه».وتضيف أنّ «الناس مرهقة ومستنزفة ومكلومة ولا يعيننا سوى وقف هذه المقتلة. عامان من الإبادة، ما بين نزوح وقصف وغلاء فاحش وغيره الكثير، فأقلّ شيء يمكن أن يهبه المسؤولون اليوم هو منحنا فرصة كي نلملم شتاتنا وجراحنا».
وتشدد القطاوي على أن فكرة المقاومة ذاتها غير مرتبطة لا بحركة «حماس» ولا «فتح» ولا أي فصيل آخر، فما دام هناك احتلال ستظل المقاومة، و«هو ما يأخذنا بالتوازي مع خطاب ترامب بأنها "خطة سلام"، أي أنها حلول مؤقتة، فالسلام يبدأ فقط بزوال الاحتلال».
يوافقها الرأي محمد أبو وطفة (17 عاماً) والذي يقيم في خيمة على شاطئ بحر غزة، قائلاً لـ«الأخبار»: «عشنا عامين مثقلين بالدماء والدمار والنزوح والجوع والعطش، بل والمرض الذي لم نجد له أي علاج في هذا البلد».
ويوضح أنه مع تسليم السلاح «في حال كان السبيل الوحيد لوقف المجازر التي نعيشها كل يوم والتي ستدفع في النهاية إلى تحقيق هدف الاحتلال الإسرائيلي بتهجيرنا وطردنا من أرضنا»، ويستدرك بأنّ «المهم أن يكون لدينا ما يضمن لنا وقف الحرب بعد تسليم المقاومة الفلسطينية سلاحها، وليس كما حدث في اتفاقية أوسلو التي تناولت فيها منظمة التحرير الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي عن معظم أرض فلسطين واستكمل بعدها السيطرة على ما تبقى منها دون أي مقاومة من الجهات الرسمية الفلسطينية».
وتؤكد زينب السر (26 عاماً)، التي فقدت زوجها في الأشهر الأولى من حرب الإبادة الجماعية، أنها وعلى الرغم من شعورها بأنّ تسليم حركة «حماس» سلاحها يعني الهزيمة والاستسلام، «إلا أن حالة اليأس والإحباط من أشهر الحرب المريرة وحاجتنا لإنهائها جعلت مطلبنا الوحيد تسليم السلاح إن كان فيه وقفاً للحرب وحقناً للدماء».
وتقول في حديث إلى «الأخبار»: «صحيح أننا أمام عدو غادر لا يؤمن جانبه، ولكن الدول الوسيطة أكدت ضمانها لوقف الحرب وعدم عودتها».

